
أبواق الفساد
من ينعم النظر في اللعبة السياسية سيجدها تتعكز على أساس مركزي لا محيص عنه، وأعني الحوار بين الخصوم، وهذا هو المبدأ العام الذي يجب أن يلتزم به اللاعبون.
لكن المتابع لمشهدنا السياسي، ولا سيما في ظلِّ هذه الأزمة السياسية الخانقة؛ يلمس بوضوح مقدارا كبيرا من خيانة اللعبة، على يد طرف خرج منها بعد فشله في السرقة أو الحصول على مطامعه.
ففي كلِّ مرة تبدأ فيها إرهاصاتُ تشكيل الحكومة الجديدة، نسمع نعيق أبواق الفساد عاليا، من أجل تشويه هذه الحكومة أو تلك، ووأْدِ بذرة الجمال التي ينتظرها المواطن كانتظار يعقوب ليوسف!
وحينما دققت النظر في ذلك وجدت هذه الأبواق المخرومة تعيش على صناعة الأزمات، في جوٍّ ملوث تصنعه لنفسها، من أجل أن تظفر بما تستطيع الوصول إليه عبر طرائقها الحقيرة، فها هي اليوم تحاول تسقيط هذه الحكومة أو التي قبلها وتشوه كلَّ ما تجيء به، لا لشيء سوى أنها تحاول نيل مكاسب دون وجه حق.
وفضلا عن ذلك كلِّه، يصارع السياسيون الشرفاء رياح الفساد هذه بكل قوة، من أجل البقاء داخل هذه المنظومة المأزومة، خدمةً لشعبهم، وحفظًا لحقوق من أوصلهم إلى سدة الحكم. فلا يشكُّ أحد في مدى مفسدة هذه المنظومة، والسياسي الشريف فيها يخيَّر بين طاعة مفاسدهم أو ترك ما جاء من أجله، ومن يقاوم ذلك، سيتعرض في أقصى الردود لحملة شعواء من أقلام المنصات والقنوات، من أجل تلبيسه بتهمٍ ومفاسدَ تليق بهم، وهو بريء منها براءة الذئب من دم ابن يعقوب!
والسؤال المهم الذي تقودنا إليه السطور السابقة، لماذا تصدَّر سياسيو الفساد المشهدَ؟ ولمَ ترك الشعبُ من نخر عظم البلاد بأنيابه منذ سنوات؟ ولماذا سكت المواطن عن أبواقهم الفاسدة؟
ولعلَّ المتأمل يصل إلى حقيقة مهمة يستطيع من خلالها أن يجيب، وهي أنَّ هذه الفئة ومن يسعفها ويعينها منذ سنوات طوال عملت جيدا على دسِّ السمِّ في العسل، والترتيب في الخفاء، وتشويه صورة الآخر، فمن يريد النيل من خصمه دون شرف، يستطيع أن يلوث صورته، يظفر بالأمرين: إسقاطه أولا، وإبعاد الضوء عنه ثانيا، وهذا ما يقوم به أصحاب الفساد اليوم، يهاجمون كلَّ سياسي أو مسؤول أو رئيس شريف ونزيه وصحيح؛ من أجل تلويثه بأدرانهم وتغطية مفاسدهم.
ومن أجل ذلك؛ حريٌّ بالمواطن أن يعي هذه الطرق ويتبيَّن الحق ويعرف أهله، ويتفحَّص كلَّ ما من شأنه أن يثبت له الصورة الحقيقية للفاسدين.. وأنا بدوري سأعمل على كشف كل فاسد ومرتشٍ ومبتزٍّ، ونشر أسمائهم وأعمالهم الملوثة بين الحين والآخر، ليتوصل الجميع إلى حقيقة أمرهم.
أيها العراقيون الأحبة، احذروا الفئة الباغية على الحق، لئلَّا تصيروا كمن حرق بيته بيده، ولتفرقوا بين أهل الإصلاح وأهل الفساد، وتقطعوا دابر كل فاسد، فإنَّكم إن تذروهم يضلونكم ولا يلدوا إلا فاسدا كفَّارًا..
زين المهاجرين