خمس أسباب “تنقض” امكانية استعانة المحكمة الاتحادية “بالاعضاء الاحتياط” لإكمال “نصابها المختل”

أوضح عضو محكمة التمييز الاتحادية حسن فؤاد، إيضاحًا واسعا بشأن نصاب المحكمة الاتحادية “المختل” فيما قدم 5 أسباب تجعل فكرة الاستعاضة بالاعضاء الاحتياط “غير ممكنة” بعد سحب تكليف القاضي المتقاعد محمد الكبيسي.

وكتب فؤاد في إيضاح جاء في نصه:

أصـدرت المـحكمة الاتـحاديـة الـعليا الـكتاب المـرقـم ٢٢/ ت.ق/ ٢٠٢٠ فــي ١٦/ ٣ / ٢٠٢٠ خــاطــبت بــموجــبه الــسيد رئــيس الجــمهوريــة لــغرض ســحب المــرســوم الجــمهوري الــخاص بـــــتعيين الـــــقاضـــــي المـــــتقاعـــــد (محـــــمد رجـــــب الـــــكبيسي ) عــضواً أصــلياً فــي المــحكمة وإعــادتــه إلــى الــتقاعــد ، وفــي مــحاولــة مــنها لــقطع الجــدل الــقائــم حــول اكــتمال نــصابــها مـن عـدمـه ، وإزالـة المـخاوف والـشكوك الـتي تـحيط إمـكانـية إنـــعقادهـــا ومـــمارســـة اخـــتصاصـــاتـــها الـــقانـــونـــية ، طـــلبت المـحكمة مـن رئـيس الجـمهوريـة بـالـفقرة الـثانـية مـن كـتابـها المـــوافـــقة عـــلى الاســـتعانـــة بـــالأعـــضاء الاحـــتياط المـــعينين بــــموجــــب مــــراســــيم جــــمهوريــــة ، مــــن أجــــل أكــــمال تــــشكيل المـــحكمة وتـــسيير شؤونـــها الـــدســـتوريـــة ، ولـــحين صـــدور قــانــون المــحكمة الاتــحاديــة المــنصوص عــليه فــي المــادة ٩٢ مـن الـدسـتور ، أو تـعديـل المـادة ٣ مـن قـانـونـها الـحالـي رقـم ٣٠ لـسنة ٢٠٠٥ ، ونـعتقد بـأنـه لايـمكن الأخـذ بهـذه الـفكرة بــالــنظر لمــا تــثيره مــن اشــكالــيات دســتوريــة وقــانــونــية عــند تـــطبيقها فـــي أرض الـــواقـــع نـــوضـــحها بـــالـــفقرات الآتـــية :
١- إن جـميع الـقضاة الـذيـن سـبق أن تـم تـعيينهم كـأعـضاء احــتياط فــي المــحكمة بــموجــب مــراســيم جــمهوريــة ومــنهم الـــــقاضـــــي ) محـــــمد رجـــــب الـــــكبيسي ( قـــــد أحـــــيلوا إلـــــى الـــتقاعـــد لـــبلوغـــهم الـــسن الـــقانـــونـــية لـــلإحـــالـــة لـــلتقاعـــد وأســـتنفذوا أيـــضاً كـــل مـــددالـــتمديـــد، وهـــم حـــالـــياً خـــارج الخـــدمـــة الـــقضائـــية وبـــذلـــك يـــتعذر الاســـتعانـــة بـــأي مـــنهم لإكــــمال ِنـــــصاب المــــحكمة لأن مــــن شــــروط عــــضو المــــحكمة ســــواء أصــــلي أو احــــتياط أن يــــكون مــــن المســــتمريــــن فــــي الخــدمــة، ولايــوجــد ســند قــانــونــي لإعــادة قــاضــي مــتقاعــد لــلعمل فـــــــي المـــــــحكمة الاتــحاديــة، لاســـــــيما وأن صـــــــفة الــــديــــمومــــة الــــواردة بــــالــــفقرة ٦ مــــن المــــادة ٣ مــــن قــــانــــون المـــــحكمة رقـــــم ٣٠ لـــــسنة ٢٠٠٥ تـــــشمل الـــــعضو الأصـــــلي ولاتـــنسحب عـــلى الاحـــتياط الـــذي أحـــيل لـــلتقاعـــد لـــبلوغـــه الــسن الــقانــونــية وخــروجــه مــن الخــدمــة الــقضائــية، فــضلاً عــن أن الاســتعانــة بــقاضــي مــتقاعــد لــغرض إكــمال نــصاب المـحكمة يخـلق ذات المـشاكـل الـدسـتوريـة والـقانـونـية الـتي خــلقها تــعيين الــقاضــي (محــمد رجــب الــكبيسي ) ونــكون كــــــــــالــــــــــذي “فـســــــــــّر المــــــــــاء بــــــــــعـد الـجـهــــــــــد بـــــالمــاء”.
٢- دسـتور جـمهوريـة الـعراق لـسنة ٢٠٠٥ بـالمـواد ٩٢ – ٩٤ مـنه تحـدث عـن مـحكمة اتـحاديـة عـليا لـم تـشكل حـتى الآن ولــم يــصدر قــانــونــها، وهــي ليســت المــحكمة الــقائــمة فــي الـوقـت الـحاضـر، ذلـك أن هـذه المـحكمة لـم تُـشكل بـموجـب الـدسـتور ولهـذا لايـمكن الاحـتكام الـيه بـشأن إكـمال نـصاب المــــحــــكـــمة مـــن عـــدمــه .
٣- قـانـون إدارة الـدولـة الـعراقـية لـلمرحـلة الانـتقالـية لـسنة ٢٠٠٤ ، والــذي أُلــغي بــموجــب المــادة ١٤٣ مــن الــدســتور ” بــاســتثناء الــفقرة أ مــن المــادة ٥٣ والمــادة ٥٨ مــنه ” ، إذ تــم تــشكيل المــحكمة الاتــحاديــة وتحــديــد اخــتصاصــاتــها عــلى وفق أحـكام هـذا الـقانـون ، ونـصت الـفقرة ” هـ ” مـن المـادة الـرابـعة والأربـعين مـنه عـلى أن تـتكون المـحكمة الاتـحاديـة الــعليا مــن تــسعة أعــضاء ويــقوم مجــلس الــقضاء الأعــلى أوليًا وبالتشاور مع المجالس القضائية للاقليم بترشيح مالايقل مـالايـقل عـن ثـمانـية عشـر إلـى سـبعة وعشـريـن فـردا لـغرض مــلء الــشواغــر فــي المــحكمة ويــقوم بــالــطريــقة نــفسها فــيما بــــعد بــــترشــــيح ثــــلاثــــة أعــــضاء لــــكل شــــاغــــر لاحق يــــحصل بســـبب الـــوفـــاة أو الاســـتقالـــة أو الـــعزل ، ويـــقوم مجـــلس الـــرئـــاســـة بـــتعيين أعـــضاء هـــذه المـــحكمة وتـــسمية أحـــدهـــم رئـــيساً لـــها وفـــي حـــالـــة رفـــض أي تـــعيين يـــرشـــح مجـــلس الـــقضاء الأعـــلى مجـــموعـــة جـــديـــدة مـــن ثـــلاثـــة مـــرشـــحين ، ويــتضح جــلياً مــن قــرآة هــذا الــنص أ ّن المــرشــحين يــجب أن يــــكونــــوا مــــن الــــقضاة المســــتمريــــن فــــي الخــــدمــــة ولــــيس المـتقاعـديـن مـادام مجـلس الـقضاء الأعـلى هـو الـذي يـتولـى تــــــــــرشــــــــــيــــــحــــهـــم .
٤- وقــضت المــادة ٣ مــن الــقانــون رقــم ٣٠ لــسنة ٢٠٠٥ بــأن تـتكون المـحكمة مـن رئـيس وثـمانـية أعـضاء يجـري تـعيينهم مـن مجـلس الـرئـاسـة بـنا ًء عـلى تـرشـيح مـن مجـلس الـقضاء الأعــلى بــالــتشاور مــع المــجالــس الــقضائــية لــلأقــالــيم وفق مـــاهـــو مـــنصوص عـــليه فـــي الـــفقرة هـ مـــن المـــادة الـــرابـــعة والأربـــعين مـــن قـــانـــون إدارة الـــدولـــة ، ويـــلاحـــظ بـــأن هـــذه المــادة لــم تــنص عــلى وجــود أعــضاء احــتياط فــي المــحكمة وكــيفية تــعيينهم ، إلا انــها أحــالــت عــلى الآلــية المــنصوص عـــليها بـــالـــفقرة هـ مـــن المـــادة ٤٤ مـــن قـــانـــون إدارة الـــدولـــة الــــــتي ســــــبق الإشــــــارة الــــــيها وتــــــضمنت مــــــعالــــــجة مــــــلءالـشواغـر الـتي قـد تـحصل بسـبب الـوفـاة او الاسـتقالـة او الــــعزل ، وأســــتنادا إلــــى هــــذه المــــادة كــــان يجــــري أخــــتيار الأعـضاء الاحـتياط فـي المـحكمة لإكـمال نـصابـها الـقانـونـي ، كــلما أقــتضت الــضرورة ذلــك مــن قــضاة مــحكمة الــتمييز المســـتمريـــن بـــالخـــدمـــة فـــيها ويســـتبدلـــون بـــآخـــريـــن اذا مـــا أحـيلوا الـى الـتقاعـد ، ولـم يـكن يجـري اخـتيارهـم بـنا ًء عـلى أعـــراف قـــضائـــية ، أو لأن رئـــيس المـــحكمة فـــي حـــينه هـــو رئــيس الســلطة الــقضائــية كــلها ، وكــان يــأتــي بــأي قــاضــي مــن مــحكمة الــتمييز ويــجعله عــضو احــتياط فــي المــحكمة الاتـــحاديـــة كـــما يـــحاول الـــبعض تـــصويـــره وكـــأن الـــقضاء يـعمل مـن دون قـوانـين ويـخضع لمـزاج رئـيسه الأعـلى ، إنـما الـــــحقيقةالـــــتي يـــــراد لـــــها أن تُـــــغّيب أن مجـــــلس الـــــقضاء الأعــلى هــو المسؤول عــن إدارة الــقضاء ويــتولــى الإشــراف عــــــلى أعــــــمال الــــــقضاة وهــــــو المــــــعني وحــــــده دون غــــــيره دســتوريــاً وقــانــونــياً بــترشــيح الــقضاة لــلعمل فــي المــحكمة الاتـحاديـة الـعليا ، وغـيرهـا مـن المـحاكـم والـهيئات والـلجان الـــتي تـــنص قـــوانـــينها عـــلى أن يـــكون ضـــمن تـــشكيلاتـــها أحـد الـقضاة المسـتمريـن بـالخـدمـة ولاعـلاقـة لـلأمـر بـشخص مـــــــــن يـــــــــتولـــــــــى رئـــــــــاســـــــــة مجـــــــــلس الـــــــــقضاء الأعـــــــــلى .
إلا انـه وبـعد أن ألـغت المـحكمة الاتـحاديـة صـلاحـية المجـلس بــترشــيح قــضاة المــحكمة الــواردة بــالمــادة ٣ مــن قــانــونــها ، ومــع غــياب نــص قــانــونــي صــريــح يــعالــج مــسألــة تــعيين قـــضاة المـــحكمة ســـواء الأصـــليين أو الاحـــتياط ، أصـــبحنا أمــــام فــــراغ دســــتوري وقــــانــــونــــي ولــــن يــــملاء هــــذا الــــفراغ
الإقــتراح الــوارد بــالــفقرة ٢ مــن كــتاب المــحكمة المــشار الــيه آنــفاً ، إنــما يــتعين عــلى مجــلس الــنواب تحــمل مسؤولــيته الـتاريـخية والـتعجيل بتشـريـع قـانـون المـحكمة المـنصوص عــليه فــي الــدســتور ، أو تــعديــل قــانــونــها الــحالــي وإيــجاد نـص قـانـونـي يـملاء الـفراغ الـذي خـلقته المـحكمة الاتـحاديـة وبـما يـضمن أن يـكون مجـلس الـقضاء الأعـلى هـو المـعني بـــــتسمية المـــــرشـــــحين لـــــلعمل فـــــي المـــــحكمة حـــــمايـــــة لمـــــبدأ اســــــــــتــقــلال الــــــــــقــضــاء وعــــــــــدم الــــــــــتــدخــــــــــل بــشؤونــــــــــه .
٥- ومـــايؤكـــد الـــحاجـــة إلـــى وجـــود نـــص قـــانـــونـــي خـــاص بــتعيين قــضاة المــحكمة الاتــحاديــة أصــليين أو احــتياط أن الـتنظيم الـقضائـي فـي الـعراق عـلى وفق الـقانـون رقـم ١٦٠ لــسنة ١٩٧٩ تــحكمه قــواعــد ونــصوص تحــدد آلــية تــكويــن الـــهيئات الـــقضائـــية وكـــيفية مـــلء الـــشواغـــر فـــي الـــحالات الـــــــضروريـــــــة الـــــــتي تـــــــقضي بـــــــذلـــــــك، ولـــــــم ُيـــــــترك الأمـــــــر لـلأجـتهادات وتـضاربـها لخـطورتـه وتـعلقه بحق الـتقاضـي المـــكفول فـــي الـــدســـتور والـــقانـــون فـــقد نـــصت المـــادة ١٤ / ثـــانـــياً مـــن الـــقانـــون المـــذكـــور عـــلى أن يـــتم تـــشكيل هـــيئات مـحكمة الـتمييز وبـضمنها الـهيئة المـوسـعة فـي بـدايـة كـل سـنة بـقرار مـن هـيئة الـرئـاسـة ولايـبدل عـضو الـهيئة إلا اذا قـضت الـضرورة بـذلـك وبـالـطريـقة ذاتـها ، ونـصت المـادة ١٧ / ثــانــياً مــنه عــلى أن يــتم تــسمية رئــيس وأعــضاء مــحكمة الاســــــتئناف وهــــــيئاتــــــها بــــــبيان يــــــصدره رئــــــيس مجــــــلس الـــــقضاء الأعـــــلى بـــــنا ًء عـــــلى اقـــــتراح مـــــن رئـــــيس مـــــحكمة الاســــتئناف ولايــــجوز تــــبديــــل الــــرئــــيس أو الــــعضو إلا اذا وجـدت ضـرورة مـاسـة تـقضي بـذلـك ، وبـموجـب المـادة ٣٠ / ثـــالـــثاً مـــن الـــقانـــون يـــتم تـــسمية رئـــيس وأعـــضاء مـــحكمة الـــــجنايـــــات الأصـــــليين والاحـــــتياط بـــــبيان يـــــصدره رئـــــيس مجــــــــلس الــــــــقضاء الأعــــــــلى بــــــــنا ًء عــــــــلى اقــــــــتراح رئــــــــيس الاسـتئناف ، وفـي الـسياق نـفسه أوجـبت المـادة ٣٣ / ثـانـياً بــــــأن يــــــتم تــــــسمية رئــــــيس مــــــحكمة الأحــــــداث والمــــــحكمين الأصــليين مــنهم والأحــتياط بــبيان يــصدره رئــيس مجــلس الــقضاء بــنا ًء عــلى اقــتراح رئــيس الاســتئناف، أمــا تــنحي الـقضاة مـن نـظر الـدعـوى الـوجـوبـي والـجوازي وأسـتشعار الحـرج أو تـعذر تـشكيل المـحكمة لأسـباب قـانـونـية وتـعيين قــضاة آخــريــن او مــحكمة أخــرى لــلنظر فــي الــدعــوى فــقد عـالـجته المـواد مـن ٩١ الـى ٩٧ مـن قـانـون المـرافـعات المـدنـية المـبادئ الـعامـة لـلنظام الـقضائـي فـي الـعراق وبـغياب نـص قـــانـــونـــي صـــريـــح يـــعالـــج مـــسألـــة تـــعيين قـــضاة المـــحكمة الاتــــحاديــــة ، نــــكون أمــــام مــــحكمة غــــير مــــكتملة الــــنصاب فـــضلاً عـــن أنـــها غـــير دســـتوريـــة أصـــلاً مـــما يـــجعلها غـــير صـــــالـــــحة لـــــلنظر والـــــفصل فـــــي الـــــقضايـــــا الـــــداخـــــلة فـــــي اخـتصاصـها ، وأي حـديـث عـن أعـراف قـضائـية أو حـاجـات يـــفرضـــها الـــواقـــع الـــسياســـي فـــي الـــبلد أو عـــبارات أدبـــية وإنــشائــية تــبرر أنــعقاد جــلسات المــحكمة فــأن ذلــك يــشكل مــخالــفة لــلدســتو والــقانــون ولــن تــكون لــقراراتــها أيــة قــيمة قـانـونـية ولاتـتمتع بـصفة الإلـزام وغـير قـابـلة لـلتنفيذ مـطلقاً ولانــــريــــد لهــــذه المــــحكمة الــــتي تــــضطلع بــــاخــــتصاصــــات خـــــــطيرة وجـــــــسيمة ومؤثـــــــرة بـــــــشكل كـــــــبير فـــــــي الـــــــحياة الــسياســية والــقانــونــية والاجــتماعــية لــلبلد أن تــسقط مــن عـين المـجتمع ويـفقد الـثقة فـي قـراراتـها وأن تـضيع هـيبتها فــي َمهــب الأهــواء والمــصالــح الــشخصية فــي هــذا الــظرف الـــحساس الـــتي نـــعيشه جـــميعاً ، مـــمايســـتدعـــي الـــتأكـــيد مجــددا عــلى ضــرورة الإســراع فــي تشــريــع قــانــون المــحكمةالمـنصوص عـليه فـي الـدسـتور أو تـعديـل قـانـونـها الـحالـي لــــــكي يــــــتسنى لــــــها الــــــقيام بــــــممارســــــة أخــــــتصاصــــــاتــــــها الـقانـونـية وأن يـترفـع مجـلس الـنواب عـن خـلافـاتـه الـقائـمة بــهــذا الـــشــــأن.